أدوية ضغط الدم لا تطيل عمركم : ما الذي تفعله في جسمكم بالضبط ؟ (6)
أدوية ضغط الدم : إذا جرت المياه في خرطوم من المعدن فسيبقى الضغط هو نفسه. لكن إذا جعلت المياه تجري في بالون طولي، فسينخفض الضغط لأنّ ليونة الجدار ستخفف من ضغط الماء.
ينطبق الأمر نفسه على الأوردة: عندما تكون مرنة وليّنة، تمتص جزءاً من الضغط القادم من القلب.
لكن عندما تكون متصلّبة، تتلقى على جدرانها كامل الضغط الآتي من القلب- من دون امتصاص أو تخفيف. يمكن لهذا الضغط غير المخفف أن يتسبب بأضرار هامة في الوريد المعني… لكننا نرى من جديد أنّ السبب الحقيقي ليس ضغط الدم بل تصلّب الوريد!
بالتالي، يبقى من الأفضل أن نعمل على الأسباب بدلاً من أن نعمل على النتائج!
إذن، نلخّص ما قلناه بالتالي، إنّ لحالة “خراطيم الجسم” الصحية نوعين من الأثر على الضغط:
يمكن للأوردة المسدودة جزئياً والأوعية الدمويّة المتصلبة أن تُجبر القلب على أن ينبض بسرعة أو قوة أكبر لكي يصل الدم إلى الأنسجة والأعضاء ويغذيها بشكل أفضل (ما يرفع الضغط ويُضعف القلب)؛
تزيد الأوردة المتصلبة معدل الضغط بشكل آلي حين لا تلعب دور “مخفف الصدمات”: عندئذ، يكون ارتفاع الضغط مؤشّراً وحسب على أنّ الأوردة أصبحت أكثر تصلّباً.
إذن، لن تتفاجأوا إذا علمتم أنّ خفض الضغط بشكل اصطناعي ليس “العصا السحري” الذي يحل المشكلة.
انطلاقاً مما تقدّم، هذه الأدوية لا تطيل أعماركم فعلاً- وهذا هو الاستنتاج الذي توصّلت إليه إحدى أكبر التجارب السريريّة التي أجريت. في هذه الدراسة، تناول 17000 مريض يسجّلون معدل ضغط وسطيّ 160/100، بشكل يوميّ إما دواءً حقيقياً وإما دواءً وهميّاً. وتبيّن أنّ الذين تناولوا الدواء لم يعيشوا لوقت أطول بكثير من الآخرين!
مما لا شك فيه أنّ نسبة تعرّضهم للسكتات الدماغية أقل بقليل، وهذا أمر جيد. لكن ينبغي ألا يدفعنا هذا إلى الاعتقاد بأن هذه الأدوية تحقق المعجزات في ما يتعلق بالسكتات الدماغيّة.
دعونا نتأمل نتائج “دراسة برمنغهام” الشهيرة. فمن بين 27000 أميركي خضعوا للمتابعة والدراسة على مدى 6 أعوام، تعرّض للسكتات الدماغية أكثر من سواهم أولئك الذين يتناولون قدر أكبر من الأدوية!
ولا يعني هذا أنّ الأدوية تسبب السكتات الدماغيّة بالطبع – يمكننا أن نفترض أنّ هؤلاء المرضى المعرّضين لخطر كبير كانوا ليصابوا بسكتات دماغيّة أكثر من دون الدواء.
لكن هذه النتائج تبيّن أنه لا يكفي أن نخفض الضغط بشكل اصطناعي لتجنّب السكتات الدماغية! بل ينبغي بكل بساطة أن نعالج أولاً سبب ارتفاع الضغط بدلاً من الضغط نفسه!
وإذا راقبتم كيفية عمل الأدوية، فستقتنعون أكثر بأنه لا ينبغي تناولها إلا كخيار أخير.
تابعوا المقالة التالية : كيف تعمل الأدوية الخافضة لضغط الدم وما هي خطورتها ؟