كيف تميزون بين الذبحة القلبية المزيفة والذبحة القلبية الحقيقية
الذبحة القلبية المزيفة: حفظنا غيباً المعلومات التي تتعلق بالذبحة القلبية، أو ما يسمى بتصلب الشرايين، لكثرة ما كرروها علينا ومخاطرها المميتة.
لقد شرحوا لنا عوارض النوبة القلبية حتى يستطيع كل منا أن يميزها: تشنج مؤلم في وسط الصدر، مع انتشار الألم أحياناً نحو الكتف أو نحو الفك.
لكنهم نسوا أن يقولوا لكم شيئاً مهماً جداً: هناك ذبحة قلبية مزيفة لا تشكل خطورة، لكن أعراضها مشابهة تقريباً لتلك الحقيقية. كيف تميزونها؟
الذبحة القلبية المزيفة لا يعود سببها إلى انسداد الشرايين التاجية، ولكن ببساطة إلى تشنج عصبي على مستوى الضفيرة الشمسية (منطقة فوق السرة).
الأشخاص الذين يتعرضون لها هم أناس عصبيون جداً، قلقون، متوترون أو يتعرضون لضغط زائد، لا يعرفون كيف يسترخون ويرتاحون.
المشكلة أنه، على مستوى الشعور الفوري، تكون العوارض في لحظة النوبة مشابهة لتلك التي تحدث مع النوبة الحقيقية، من حيث أن التشنج العصبي يضغط على الشرايين فيضيقها مؤقتاً.
لكن هذا الضغط لا يمنع الدم من أن يجري كما في حالة انسداد الشريان بجلطة، لذلك لن يعرّضكم لخطر الذبحة، إلا إذا كان الشخص المعني مصاباً بتصلب الشرايين، وهذا ممكن مع أنه نادر.
لأنه في هذه الحالة، يضاف التشنج العصبي إلى وجود تصلب الشريان مما يؤدي إلى انهيار سريع في ضغط الدم وإلى فقدان الوعي.
أحياناً ما تكون عوارض الذبحتين الحقيقية والمزيفة مختلفة جداً. في الواقع، الأشخاص المعرضون للذبحة الحقيقية هم عموماً بدينون، لأنهم يأكلون طعاماً غير صحي، وهم غير ناشطين جسدياً،
بينما الأشخاص الذين يصابون بالذبحة المزيفة هم بالأحرى عصبيون في حركة دائمة ولا يميلون كثيراً للجلوس إلى طاولة الطعام.
إذا لم تكونوا من هذا النوع ولا من ذاك، فهذا يعني أنكم من نوع متوسط.
كيف ستعرفون إذن عندما تحدث نوبة، وخصوصاً في حال كانت النوبة الأولى، إذا كنتم في خطر أم لا، إذا كنتم ستطلبون النجدة أم لا
الإختبار الناجح
ما يميز بين الذبحتين بشكل أساسي هو أن الذبحة القلبية الحقيقية تنتج غالباً عن جهد عضلي كبير، لأن هذا يؤدي إلى تدفق الدم نحو القلب،
وإذا كانت الشرايين التاجية في حالة سيئة ونصف مغلقة…فقد تحدث النوبة!
لهذا السبب يجعل أطباء القلب مرضاهم يخضعون أحياناً لفحص الجهد في المستشفى حتى يروا إذا كان هذا يسبب ألماً. بالمقابل، الذبحة المزيفة لا تنجم عن أي جهد.
قد تحدث في أي لحظة وحتى في منتصف نومكم. يبدو أنها تنتج عن تراكم التوتر والهموم أو الإحباطات المتنوعة، أو عن مشاكل العمل أو الإحساس بالضغط الزائد وعدم القدرة على ضبط المواعيد أو التحكم بالوقت.
يتجمع كل هذا في زاوية من رأسكم حتى لو كنتم تفكرون بشيء آخر، حتى لو كنتم تشاهدون التلفزيون أو تثرثرون مع أصدقاء.
الضغط اللاواعي يبقى هناك، وفي لحظة غير متوقعة، يهز الجهاز العصبي ويؤدي إلى التشنج.
كوب الماء المنقذ
علاوة على أن النوبة القلبية المزيفة حميدة، فإن لها ميزة كبيرة: إنها تُعالج بأسهل طريقة في العالم وفي ظرف دقيقتين. ستجعلونها تختفي إذا شربتم كوب ماء منعش بجرعات بسيطة.
إذا لم يكن في متناول يدكم لا ماء ولا أي مشروب آخر، تنفسوا بعمق مع المشي ببطء وأنتم تكررون:”استرخِ ! استرخِ ! استرخِ !”. لكن كوب الماء أسرع طبعاً، وتأثيره فوري تقريباً.
إذا كنتم معرضين لهذا النوع من النوبات، احرصوا على أن تبقوا بجانبكم قنينة صغيرة من الماء. في حال عدم توفرها، يمكنكم أن تجمعوا اللعاب في فمكم وتبتلعوه. فعل الابتلاع هو المهم هنا. لماذا؟
كما تعلمون ربما، فإن الماء أو الأطعمة التي تبتلعونها لا تسقط في معدتكم بتأثير الجاذبية. لكنها تنتقل نحو معدتكم عن طريق انقباض وانبساط المريء.
لهذا تستطيعون أن تأكلوا أو تشربوا ورأسكم إلى الأسفل وما تبتلعونه سيذهب نحو معدتكم.
عندما تبتلعون، تطلقون حركة جهازكم الهضمي وهو بالتالي سيمارس نوعاً من التدليك على كامل منطقة الضفيرة الشمسية، فتنقبض الأعصاب وترتخي الشرايين.
لهذا ليس من المستحيل أن يعطي كوب الماء تأثيراً مفيداً حتى في حال الذبحة القلبية الحقيقية، ولكننا هنا لا نضمن لكم شيئاً. على كل الأحوال، كوب الماء لن يؤذيكم وأنتم في انتظار النجدة الطبية.
فشرب كوب من الماء مفيد لكل أنواع الأوجاع والأمراض.
الآن لنفترض أنه، في حال الشك، استشرتم طبيباً، وهذا الطبيب كان متفهماً جداً. ولنفترض أنه قام بالتشخيص الصحيح: ذبحة مزيفة أم حقيقية، لا يستطيع أن يخبركم إلا إذا استجوبكم بدقة حول طريقة حياتكم وحول الطريقة التي تحدث بها العوارض.
لكن نخشى أنه، في أغلب الأحوال، سيكتفي بطلب التحاليل والإختبارات (ومنها اختبار الجهد الشهير) على افتراض وجود نوبة قلبية حقيقية.
لكن لنفترض أنه توصل إلى استنتاج أن الذبحة مزيفة. ماذا سيفعل؟
ماذا يفعل طبيب لمعالجة ذبحة قلبية مزيفة؟ لا شيء إلا أن يصف أدوية مضادة للقلق أو مضادة للإكتئاب، بحجة أنها سوف ترخي أعصابكم، لكنها سوف تجعلكم ربما حمقى وتقلل بنسبة 20 إلى 30% نشاطكم العصبي والنفسي. نراهنكم أنه لن يكلمكم أبداً عن كوب ماء!
إذن يعود إليكم أن تقرروا ما عليكم أن تفعلوه. لكن بدل أن تلجأوا إلى أدوية كيميائية تأثيراتها الجانبية خطيرة، من الأفضل بعد أن تتأكدوا من أنكم غير مصابين بتصلب الشرايين،
أن تكتفوا بتقنيات الإسترخاء، القيلولة، جرعة من “اللامبالاة” عندما تكونون في حالة تأخر… وقنينة صغيرة من الماء بمتناول يدكم.
لأنكم إذا استطعتم أن تتحكموا بضغطكم النفسي وتهدئوا أعصابكم، بفضل الذبحة المزيفة، تستطيعون أن تصلوا إلى سن المئة بسهولة.