هل تعرفون ما الذي تتغذى عليه خلايا السرطان ؟(2)
الريجيم الخالي من النشويات لمحاربة السرطان
في سنة 2007، أشرفت الدكتورة ميلاني شميدت والعالم البيولوجي أولريك كامرير، في مستشفى ويزبورك في ألمانيا، على دراسة عيادية مع مرضى بالسرطان.
جعلاهم يتابعون نظاماً فقيراً جداً بالنشويات، غنياً بالدهون وغنياً بالبروتينات، اسمه الريجيم الكيتوني.
لا سكر، لا حبوب، لا كاتوه، لا معجنات، لا أرز، لا بطاطس، فقير جداً بالفواكه، فقط اللحم المدهن، السمك المدهن، البيض الكامل، الجوز والمكسرات، زيت الزيتون، زيت الكتان وبضع أنواع خضار.
هذا لم يكن خبراً جديداً على كل حال.
سابقاً، في سنة 1924، نشر الدكتور أوتو واربورغ (جائزة نوبل 1931) نتائج ملاحظاته حول الأورام :”النظام الغذائي الغني بالنشويات لديه تأثير محفز عميق على نمو الخلايا السرطانية”.
ومع هذا، اصطدم الباحثان بعقبة : لم يسمح لهما المستشفى باختبار الريجيم الكيتوني إلا على المرضى الذين استنفدوا كل العلاجات التقليدية ضد السرطان : جراحة، إشعاعات، علاج كيميائي، وحتى علاجات بديلة مثل العلاج بالتسخين الزائد والعلاج بحقن دم المريض عن طريق العضلات.
هذا يعني أن المرضى كانوا في حالة صحية سيئة جداً. كانوا يعانون من سرطان المبيض، الثدي، الغدد النكافية، العظم، البنكرياس، الغدة الدرقية، المريء وأورام الجهاز العصبي الشرسة، المقاومة للعلاجات التقليدية.
اثنان من المرضى توفيا في خلال أقل من شهر بعد بداية الدراسة، مريض آخر توقف لأنه وجد صعوبة في التوقف عن المشروبات المحلاة والحبوب وستة آخرين توقفوا لأسباب شخصية.
ترك مريضان آخران مبكراً الدراسة بسبب تفاقم حالتهما الصحية فجأة.
لكن بالنسبة لخمسة مرضى التزموا بالريجيم الخالي من النشويات مدة ثلاث شهور، ظهرت نتائج إيجابية. بقي المرضى على قيد الحياة، استقر وضعهم الجسدي أو تحسّن، توقف ورمهم عن النمو واستقر المرض.
تكمن فعالية الريجيم الكيتوني في المتابعة الدقيقة لنظام غذائي فقير جداً بالنشويات.
عندما يفتقر الجسم للنشويات، فهو ينتج أجساماً كيتونية مشتقة من الدهون يمكن أن تعطي الطاقة للجسم والدماغ ولكنها قليلة الاستخدام من قبل الخلايا السرطانية.
لكن في الدراسة التي قام بها باحثو ورزبورغ، استطاع مريضان فقط أن يخفضا استهلاكهما من النشويات بالشكل الكافي لإنتاج الكثير من الأجسام الكيتونية.
هذه النتائج الأولية كانت مميزة ورأى الباحثون فيها حلاً بديلاً لعلاج السرطان بدون انتظار المرحلة النهائية للمرض.
ولدان ساعدهما الريجيم الكيتوني
التجربة البشرية الأولى حول دور الريجيم الكيتوني في علاج السرطان، قامت بها سنة 1995 الطبيبة المتخصصة بأمراض السرطان، ليندا نيبلنغ، على ولدين مصابين بورم في الدماغ.
ليندا نيبلنغ حالياً في المعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحدة.
تجاوب الولدان بشكل إيجابي وتوقف تقدم المرض بشكل كامل عند أحدهما وظل على قيد الحياة بعد 10سنوات، مع التزامه بالريجيم الكيتوني.
من الواضح استحالة أخذ نتائج شاملة من تجربة صغيرة جداً. لكن العديد من الهيئات الطبية حول العالم مهتمة اليوم بالريجيم الكيتوني.
نشر الدكتور توماس غرايبر، البروفسور في علم الأدوية الجزيئية والطبية، مع زملائه سنة 2012، دراسة تبرهن أن الافتقار إلى الغليكوز، ينشط دورة مغلقة من عمليات الإيض التي تؤدي إلى موت الخلايا السرطانية.
تشير دراسات نشرت في صيف 2013، في مجلة One Plos، إلى أن الفئران المصابة بالسرطان، تظهر تحسناً فيما يتعلق بالبقاء على قيد الحياة، بعد خضوعها للريجيم الكيتوني.
إذا ترافق هذا الريجيم مع العلاج بضغط الأوكسجين العالي oxygen hyperbaric، يرتفع معدل بقاء تلك الحيوانات على قيد الحياة إلى %78.
هذه النتائج تفتح آمالاً مهمة أمام المرضى.
المحاذير الأساسية
لكن انتبهوا، الريجيم الكيتوني يسبب مشاكل عديدة، لهذا ننصح بتطبيقه تحت إشراف طبي. قد يؤدي إلى تعب قوي جداً، فالجسم يحتاج إلى أن يعتاد على هذا الأداء الجديد بدون استعمال السكر. الريجيم الكيتوني ينقصه أيضاً :
- الألياف : وهذا ما يؤدي إلى الإمساك، أو الإسهال (يا للتناقض !)، الذي من الممكن علاجه بتناول مكملات من الألياف مثل البسيليوم أو البكتين
- البوتاسيوم : المصدر الأساسي للبوتاسيوم في جسمنا هو الفواكه والخضار، وهي مصادر للكربوهيدرات أو النشويات. يجب علينا إذن أن نأخذ مكملاً من البوتاسيوم أو نركز على الخضار الفقيرة بالنشويات (ملفوف أخضر، هليون، باذنجان، خيار، بروكولي، كرفس، خس، كراث، رشاد) والأفوكادو.
يجب خصوصاً عدم تطبيق الريجيم الكيتوني في حال :
- القصور الكلوي، قصور الكبد أو القلب، وكذلك الذبحة القلبية الحديثة العهد
- السكري المتعلق بالأنسولين وغير المتعلق به في غياب الإشراف الطبي
- الحمل – الرضاعة
- لكل شخص أكثر من 4 أسابيع بدون إشراف طبي.
- مرحلة النمو (الأولاد، المراهقون)
- خلال علاج مدرٍ للبول أو علاج بالكورتيزون في غياب إشراف طبي
- في حالة اضطرابات السلوك الغذائي
- على أثر تدخل جراحي
- في حال وجود مرض أيضي في الأحماض الدهنية (البورفيريا، نقص ال carboxylase pyruvate وأمراض أخرى وراثية نادرة).
حدّوا من خطر السرطان
إذا لم نرغب في الوصول إلى الريجيم الكيتوني، فإن النظام الغذائي الفقير بالنشويات مفيد أيضاً في الوقاية من السرطان كما هو مفيد في تحسين علاجه. للحدّ من خطر تغذية ورم يتضور جوعاً للغليكوز :
- خففوا من استهلاك الطعام المصنّع والأطباق الجاهزة والطحين المكرر (الأبيض) والأطعمة المصنعة من الحلويات والمعجنات وكذلك المشروبات المحلاة والعصير
- كلوا الحبوب بكميات مناسبة لنشاطكم الجسدي : يمكنكم أن تتخلوا عنها إذا كنتم لا تمارسون الرياضة
- نوّعوا الألوان في أطباقكم : الخضار والفواكه الملونة غنية بمضادات الأكسدة التي تحارب الالتهاب
- تجنبوا قدر الإمكان المشاوي والمقالي
- فضلوا الدهون ذات النوعية الجيدة : الأسماك الصغيرة المدهنة، الجوز والمكسرات على أنواعها، زيت الزيتون البكر المعصور على البارد، زيت الكولزا، الأفوكادو، البيض العضوي الغني بالأوميغا 3إذا أمكن
- تجنبوا المنتجات الدهنية المصنعة : الصلصات الجاهزة، المايونيز على أنواعه، وبكل تأكيد كل أنواع البسكويت المحمصة والمملحة
- عدّلوا نمط حياتكم كي تخففوا أسباب الضغط النفسي : غيّروا مهنتكم، مكان سكنكم، نشاطاتكم إذا كانت لا تسمح لكم بالاسترخاء في حياتكم
- حدّوا من استخدام المنتجات السامة في داخل منزلكم : مستحضرات التنظيف، الورنيش، الغراء، البلاستيك.