في حال الإصابة بارتفاع ضغط الدم في بداياته، شيء واحد لا تفعلوه ! (2)

ما سنركّز عليه في هذا المقال هو ما ينبغي بشكل خاص ألا تفعلوه إذا اكتشفتم إصابتكم بارتفاع ضغط الدم.
لا تبدأوا أبداً بتناول الأدوية. ما ينبغي تجنّبه فعلاً في حال الإصابة بارتفاع طفيف في ضغط الدم أو في بداية الإصابة بارتفاع ضغط الدم، هو اللجوء إلى تناول دواء لخفض الضغط كل يوم.
أنا لا أقول هذا الكلام بدافع “أيديولوجيا معادية للدواء”. أقرّ تماماً بأنّ بعض الأدوية لخفض ضغط الدم مفيدة في بعض الحالات المحددة. لكن المشكلة تكمن في أنّ هذه الأدوية تُوزّع كالسكاكر ما إن يرتفع ضغط الدم قليلاً!
هذا هو الإجراء الكلاسيكيّ في الطب الحديث للأسف.
تبذل شركات الدواء الكبرى كل ما في وسعها كي تنصح السلطات الصحيّة المواطنين بتناول أدويتها على نطاق واسع جداً، بما في ذلك أولئك الذين لا يحتاجونها أو أولئك الذين يسجلون معدل فائدة- مخاطر سلبيّ.
كما تمكّنت شركات الدواء الكبرى من الحصول على الأذونات اللازمة كي يصف الأطباء العامون الأدوية المضادة للاكتئاب (في حين ينبغي حصرها بالأطباء النفسيين). النتيجة: مئات الملايين يتناولون أدوية مضادة للاكتئاب.
أما في ما يتعلق بالكولسترول، فقد خفّضت السلطات وتحت الضغط معدل الكولسترول الذي يعتبر “طبيعياً”. وجاءت النتيجة نفسها: مئات الملايين يتناولون أدوية مضادة للكولسترول.
وينطبق الأمر نفسه على ضغط الدم: تم خفض المعدلات الدنيا بشكل اعتباطيّ.
بالتالي، بدأنا بوصف الأدوية بشكل واسع ومكثّف لأشخاص سجلوا معدل ضغط 140، في حين كان المرضى الذين يسجلون معدل ضغط 160 يُتركون وشأنهم ومن دون أدوية في الماضي.
علماً أنّ دراسة نُشرت في JAMA للطب الداخلي أظهرت أنّ هذا ليس تقدّماً. فمن بين 20 ألف مريض يسجّلون ارتفاعاً معتدلاً في ضغط الدم (ما بين 140/90 و160/100)، لم تتراجع الإصابة بأمراض القلب والشرايين لدى أولئك الذين تناولوا الأدوية بل ارتفعت!
إذن، لم تظهر هذه الأدوية أيّ فاعلية في حالتهم. لكنهم اضطروا إلى تحمّل الآثار الجانبيّة المزعجة: انخفاض في ضغط الدم، إغماء، مشاكل في الكليتين، الخ…
كما أنّ إجبار ضغط الدم على أن ينخفض كثيراً يطرح إشكاليّة. فبحسب دراسة نُشرت في المجلة الطبيّة البريطانية British Medical Journal، أنتم معرّضون للموت بسبب مرض مرتبط بالقلب والشرايين عندما تعمل أدوية الضغط على خفضه بشكل غير طبيعي دون معدل 130.
قد يبدو هذا في قمة الغرابة… لكنه في الواقع ليس مستغرباً أو مفاجئاً. فخفض ضغط الدم بشكل اصطناعي يطرح دوماً إشكاليّة.
عليكم أن تفهموني جيداً. عندما أقول إنه يطرح إشكاليّة فأنا لا أعني أنّ علينا تجنّب الدواء في المطلق.
في بعض الحالات، يشكّل الامتناع عن تناول الدواء خطورة ولعله من الأفضل أن نخفض ضغط الدم بالأدوية. فإن كان ضغط الدم بين 180 و200 على سبيل المثال، فمن المنطقي أن نتناول دواءً لخفضه… لأنّ ضغط الدم المرتفع مؤلم وخطير بشكل عام.
لكن ينبغي أن تدركوا أنّ الدواء لن يحل المشكلة الأساسيّة. عندما تخفّضون ضغط الدم بشكل اصطناعي، فأنتم لربما تتجنبون الخطر الأبرز (السكتة الدماغيّة) لكنكم… لا تعملون على حلّ السبب الحقيقي لارتفاع ضغط الدم لديكم؛ وأنتم تخلقون لأنفسكم مشاكل صحية أخرى بالتأكيد!
فارتفاع ضغط الدم لا يريد بكم السوء، بل على العكس من ذلك.
تابعوا المقالة التالية : لماذا قد يكون ارتفاع ضغط الدم مفيداً لكم ؟
ضغط الدم