أشعة الشمس:
الشمس مفيدة لنا ولكنها تصبح مضرة في حالة واحدة
الكذبة التي تنشرها الرواية السائدة هي أنّ أشعة الشمس بطبيعتها مضرة للجلد. وبحسب هذه الرؤية المذعورة والمرتابة، إنّ الأشعة فوق البنفسجيّة مضرة بطبيعتها وإنّ الضرر الذي تحدثه يبدأ منذ أول لحظة تعرّض لها من دون حماية. هذا خطأ تماماً. المسألة الوحيدة التي تم اثباتها علمياً هي أنّ الأشخاص الذين لديهم سوابق إصابة بضربات الشمس في الطفولة هم أكثر عرضة للإصابة بسرطان الجلد عند البلوغ. وهذا الخطر يُضاعف أربع مرات في ما يتعلق بالميلانوميا أو سرطان الجلد الخبيث.
تتضاعف إمكانية الإصابة بسرطانات الجلد تقريباً لكل مجموعة 5 إصابات بضربات شمس في سن الطفولة. لكن هذا لا يعني أبداً أنّ الشمس تؤذي ما أن تسطع.
أولاً، يجب أن نتذكّر أنّ وجود ترابط لا يخولنا أن نجزم بشكل قاطع بوجود علاقة سببيّة. فمع البيانات الناتجة عن مراقبة الشعوب، نجد أن ثمة عوامل تؤدي إلى التباس محتمل يرتبط بأسلوب الحياة. فالعادات الغذائيّة أو عادات النوم على سبيل المثال لا تؤخذ بعين الاعتبار، علماً أنها قد تؤثر بشكل كبير على سلوك الجلد المعرّض للشمس. كما لا نلحظ استعمال المضادات الجيويّة التي تزيد من الحساسيّة على الأشعة فوق البنفسجيّة بشكل كبير. وغالباً ما يكتفي الباحثون بدرس كمية الأشعة التي تم تلقيها من دون أن يلتفتوا إلى لحظة التعرّض لأشعة الشمس. إنها مقاربة علميّة سيئة إذ ثمة فرق شاسع بين جلد يحمّص بشكل مفاجئ تحت أشعة الظهيرة وجلد يتعرّض مسبقاً لأشعة شمس الصباح. يعلم خبراء إيقاع الساعة البيولوجيّة أنّ أشعة الشمس الصباحيّة تعدّ الجلد لتلقي أشعة أكثر حدة وقوة في وقت لاحق من النهار.
ثانياً، يرتكز تشويه صورة الشمس إلى عزل اعتباطي للأشعة فوق البنفسجيّة في حين أنها تشكّل جزءاً من طيف ضوئي كامل يشمل الأشعة دون الحمراء، والحمراء، والخضراء، والصفراء والبرتقاليّة والزرقاء. تلعب كافة عناصر ضوء الشمس دوراً في بيولوجيا الجلد وأذى أحدها يمكن أن يعدّله الأثر المفيد للعناصر الأخرى. هل تعلمون على سبيل المثال أنّ الأشعة الخضراء تخفف الضغط النفسي وتحسّن نوعية النوم وتوحّد لون البشرة عبر تفتيح البقع الصبغيّة؟ هل قيل لكم أنّ الأشعة الحمراء وما دون الحمراء تتغلغل عميقاً في الجسم وأنها تفعّل الميتوكندريون وتنشّط فيها انتاج الطاقة؟ تزيد هذه العملية الدفاعات المضادة للأكسدة، وانزيمات إصلاح الحمض النووي والمواد المضادة للالتهاب، فتتصدّى بذلك للضرر الناجم عن الأشعة فوق البنفسجيّة. عندما تمنع كريمات الحماية من أشعة الشمس هذه الأشعة فوق البنفسجيّة من الوصول إلى البشرة، تطلق العنان للأشعة الزرقاء المليئة بالمنافع والفوائد. إنّ نبذ جزء من الطيف الضوئي يعني أن نتناسى أن الطبيعة تم تكوينها بشكل مثالي وأنّ جسم الانسان مجهّز لترويض الشمس.