الأناناس نوع من الفواكه أحبه كثيراً، حتى وإن كنت آكله بطريقة تُشعرني بالذنب نسبياً. في الواقع، أنا معتاد على تناول الفواكه المحلية التي لم تتعرّض للإشعاع بهدف المحافظة عليها عند نقلها جواً أو بحراً.
لكنني استثني الأناناس من مبدئي هذا لأنّ هذا النوع من الفواكه محميّ جيداً خلال نقله. كما أنّ قشرته السميكة تحول دون مرور المبيدات نحو لبّه الذي يبقى خالياً منها.
لكن الأناناس يتميّز أيضاً بأنّ طعمه حلو أكثر بكثير مما يحتويه فعلاً من سكر (10% من وزنه فقط)، ما يجعل منه فاكهة منصوح بها بشكل خاص إن قررتم التوقّف عن تناول السكاكر والحلويات والآيس كريم والشوكولا.
يحتوي الأناناس على نسبة جيدة من الفيتامين C المفيد للصحة والنشاط والحيوية فضلاً عن البيتاكاروتين الضروري للحفاظ على النظر. كما أنّ الأناناس غنيٌ بالبوتاسيوم والمنغانيز، علماً أننا غالباً ما نهمل هذين العنصرين النادرين! تجدر الإشارة إلى أنّ البوتاسيوم ضروري جداً لصحة الخلايا لأنّ العمليات الكيميائية الداخلية لا يمكن أن تحصل من دونه.
أما المنغانيز فهو ضروري لتجنّب تلف الخلايا لأنّ العمل المضاد للأكسدة لا يمكن أن يتم من دونه.
لكن ثمة مكوّن آخر في الأناناس يتمتّع بخصائص مثيرة للإهتمام إلى حدّ أنه مُقترح للبروتوكولات المضادة للسرطان ولمواجهة كافة مشاكل القلب والشرايين.
إنه كنز من الصحة في الأناناس.
اكتشف الأميركيون الأصليون الخصائص الطبيّة للأناناس كما استخدمه هنود جزر الكاريبي لشفاء الجراح. واستخدمه المكسيكيون لعلاج التهاب الشعب الهوائيّة ولجأ إليه سكّان فنزويلا لعلاج تهيّج الحلق فيما استعمله البرازيليون لمعالجة السعال.
ولا يزال نسغ أو عصارة سيقان الأناناس يُستخدم اليوم لتنظيف الحروق والجروح وتسهيل الهضم.
في العام 1876، اكتشف الأوروبيون الجزيئة التي تقف خلف المزايا العلاجيّة للأناناس: البرومالين. لكن كان علينا أن ننتظر ستينيات القرن الماضي لنجد له فائدة أو منفعة شاملة.
ومنذ ذاك الحين، يُستخدم البرومالين بشكل خاص لجعل اللحوم أكثر طراوة، وهذا ما يُفسّر أيضاً وصفات اللحم بالأناناس.
لكن أود أن ألفت انتباهكم إلى أنّ الأناناس يجب أن يكون طازجاً!. إذا تناولتم الأناناس من المعلّبات فهذا يعني أنّ الفاكهة خضعت للبسترة وأنّ الأنزيم الموجود فيها قد تحلل كثيراً بحيث لم يعد مفيداً لكم.
لكن خصائص البرومالين مشجّعة جداً للمستقبل لاسيّما في علاج الأمراض المزمنة، مثل:
التهاب المفاصل
السرطان
آلام ما بعد الجراحة
مشاكل القلب والشرايين
الأناناس في مواجهة داء المفاصل
أُجري في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي العديد من الدراسات لتقويم فاعلية المكملات من البرومالين على الالتهابات الناجمة عن التدخّلات الجراحية وحتى على الأورام الدمويّة والكدمات. وقد دعمت دراسات أجريت مؤخراً نتائج تلك الدراسات. وبالتالي، ليس من المستغرب أن يتم اختبار فوائده المضادة للالتهاب بنجاح على التهاب المفاصل.
استُخدم البرومالين ضمن كوكتيل من الأنزيمات التي أظهرت فاعلية توازي فاعلية دواء معتمد (ديكلوفيناك) في تخفيف ألم والتهابات داء المفاصل في الركبة.
مما لا شك فيه أنّ مضادات الالتهاب تخفف الألم ولا تعالج المفاصل لكن اللجوء إلى مضادات التهاب طبيعيّة قدر المستطاع يبقى أولويّة، حتى في مواجهة الألم وحده.
إذن، البرومالين هو مضاد الالتهاب الطبيعي الذي يوصى به لتخفيف وتهدئة آلام المفاصل.
حتى أنه ينظّف الشرايين!
يتمتع البرومالين، هذا الانزيم العلاجي الخاص بالأناناس، بتأثيرات مدهشة لاسيّما على الدورة الدمويّة وعلى صحة القلب والشرايين. فيقلل خطورة الذبحة الصدريّة ونوبة نقص التروية العابرة. كما أنه يفكك لويحات الكولسترول!
أظهر البرومالين فاعليته في معالجة أمراض القلب والشرايين لأنه يُثبط تراكم الصفائح الدمويّة. وبالتالي، أُثبت منذ ما يُقارب الخمسين عاماً أنه يقلل خطر الإصابة بالتجلّطات وانسداد الشرايين. من المؤسف ألا يؤتى على ذكر هذا الموضوع أكثر!
علاج مضاد للسرطان من الأناناس قريباً؟
يخضع البرومالين لمزيد من الدراسات في السنوات الأخيرة بحيث أظهر خصائص مذهلة مضادة للسرطان. فهو يعمل على جعل الأورام أقل خبثاً عبر العمل مباشرة على الخلايا ومحيطها. وهو يعدّل جهازيّ المناعة والالتهابات والقدرة على كبح النزيف.
وقد نجح الباحثون حتى في إحداث موت مبرمج لخلايا ورم خبيث أو “انتحارها” لدى الفئران وذلك بفضل البرومالين.
وفي هذا السياق، أظهر العديد من الدراسات التي أُجريت على الفئران فاعلية حقيقية للبرومالين كعلاج مضاد للسرطان. ويُعدّ هذا مشجّعاً جداً لاسيّما وأن البرومالين ليس ساماً أبداً!
إذن، هل ما زلتم تنظرون إلى الأناناس بالعين نفسها؟ أوليس هو الألذ في خزانة الدواء؟