هل الشمس تسبب فعلاً سرطان الجلد : الكذبة التي جعلونا نصدقها

الشمس وسرطان الجلد
هل هناك علاقة مثبتة للشمس مع سرطان الجلد ؟
المسألة التي نادراً ما يجري الحديث عنها وتأكيدها هي أنّ ثمة ثلاثة أشكال كبرى لسرطان الجلد. الشكل الأول هو سرطان الخلايا القاعدية وهو الأكثر انتشاراً (80% من الحالات) لكنه حميد ويكاد لا يتسبب بأيّ حالة وفاة. الشكل الثاني هو سرطان الخلية الحرشفيّة، وهو أخطر من الأول بقليل إلا أنّ معدل التعافي الوسطي من هذا النوع من السرطان يبلغ 95%، لا بل 99% في حال جرى الاستئصال الجراحي في مرحلة مبكرة. يُقال إنّ التعرّض لأشعة الشمس بشكل كبير ومبالغ فيه هو السبب وراء ظهور هذين النوعين من السرطان المحدودي الخطورة والعدوانيّة بما أنهما يصيبان بشكل عام الأشخاص ذوي البشرة الفاتحة وفي أماكن تتعرض غالباً لأشعة الشمس كالوجه أو الذراعين.
وعلى الرغم من أنّ الميلانوما أو سرطان الخلايا الصبغيّة لا يشكّل سوى 1% من حالات سرطان الجلد المشخّصة كلها، إلا أنه يشكّل فزّاعة أكثر قابلية للتصديق مع نسبة وفيات يمكن أن تصل إلى 65% وذلك بحسب مدى تمدده عند اكتشافه. ويتسبب هذا النوع من السرطان بسقوط ضحايا 4 إلى 5 مرات أكثر من النوعين الأولين، وهذا هو السبب الذي يجعل الحملة المناهضة للشمس تركّز عليه. لكن المشكلة تكمن في أنّ الرابط بين هذا النوع الثالث من سرطان الجلد والتعرّض لأشعة الشمس لم يتم اثباته أبداً بل ثمة حجج عديدة تسمح بأن نستنتج عدم وجود أيّ علاقة بين الاثنين.
أولاً، بالكاد 22% من حالات الإصابة بهذا النوع من السرطان تظهر في الأماكن الأكثر تعرّضاً لأشعة الشمس، فغالباً ما يظهر المرض في الأماكن الأقل عرضة للشمس كالساقين والصدر، لا بل في أماكن نادراً ما تتعرض لهذه الأشعة كالعانة وباطن القدمين.
ومن المعروف أنّ نتائج الدراسات التي أجريت على الكريمات الواقية جاءت متناقضة:
فالبعض منها أشار إلى أنها تحمي من الأشعة فيما لم يجد البعض الآخر هذا التأثير لديها. وثمة دراسات عدة قائمة على المراقبة والرصد تشير إلى ارتفاع خطر الإصابة بسرطان الجلد لدى الأشخاص الذين يستعملون هذه الكريمات الواقية من أشعة الشمس. وفقاً للتحليل التجميعي ل25 دراسة، هذه الكريمات الواقية من الشمس لا تحمي من أيّ نوع من أنواع السرطانات الثلاثة. وبحسب هذه التجربة السريريّة العشوائيّة الموثوقة “إنّ الحماية التي تؤمّنها هذه الكريمات التي تستخدم بشكل منتظم ليست ذات دلالة احصائياً في ما يتعلّق بكافة أنواع سرطانات الجلد.” لكن هذا لا يمنع مؤسسات الأمراض الجلدية ورعاتها من الصناعيين من أن يدّعوا أنها تحمي بمعدل 50% من هذا المرض. ابحثوا عن الخلل!
أخيراً وليس آخراً، رأينا أنّ الجرعة السنويّة من الأشعة فوق البنفسجية التي يتلقاها أولئك الذين يعملون في الهواء الطلق (المزارعون، البستانيون، عمّال البناء، عمّال صيانة الطرقات…) تفوق من 3 إلى 10 مرات تلك التي يتلقاها العاملون في المكاتب. لكن الاحصاءات الطبيّة تشير إلى أنّ معدلات الإصابة بهذا السرطان الخبيث أعلى لدى أولئك الذين يعملون في الداخل. وقد بيّن تحليل الدراسات المتوفرة أنّ الأشخاص الذين يتعرضون لأشعة الشمس بحكم عملهم أقل عرضة للإصابة بسرطان الجلد الخبيث بنسبة 14%. هل يعود ذلك إلى أنّ عدد الشامات لديهم أقل؟ أم لأنّ الحياة في الهواء الطلق تثني الوحمة عن التحوّل إلى سرطان؟ لنكن جديين: كل الأدلة تشير إلى أنه ما من علاقة بين التعرّض لأشعة الشمس وظهور سرطان الجلد الخبيث.
لاحظ باحثون من النرويج بحسّهم الاسكندنافي السليم أنّ عادات التعرّض لأشعة الشمس لا تشهد تطوّراً كبيراً في حين أنّ معدلات الإصابة بسرطان الجلد الخبيث والوفيات الناجمة عنه ترتفع كل عام، ما يتناقض مع الخطاب المناهض للتعرّض لأشعة الشمس. وخلافاً للأفكار السائدة، بيّن فريق آخر أنّ المرضى الذين يعانون من تنكّس النسيج المرن الشمسي (أيّ تسارع في شيخوخة الجلد بسبب التعرّض المبالغ فيه لأشعة الشمس) أقل عرضة للوفاة بسبب الميلانوما بنسبة 60%. إذن، إنّ العلاقة السلبية بين الشمس وسرطان الجلد غير مثبتة، لا بل يمكننا القول إنّ المعلومات والمعارف الحالية تسمح بأن نشير إلى وجود رابط ايجابيّ بينهما!
تعليقات
Loading...