الاكتئاب : العلاج الطبيعي الذي يتفوق تأثيره على أدوية الأعصاب
العلاج الطبيعي للاكتئاب: يشعر الأشخاص المكتئبون بأنهم عديمو الفائدة. ويفقد هؤلاء معنى الحياة فضلاً عما يُعرف باندفاع وشغف الحياة. يشعر هؤلاء بأنهم مفرغون ويفتقرون إلى الحيوية ولا يمكنهم القيام برد فعل طبيعيّ. كما لا يرى هؤلاء اليوم الذي يتمكنون فيه من الخروج من حالتهم هذه. يعيش هؤلاء الأشخاص شعوراً بالعجز، بعدم الجدوى، بعدم القدرة على التكيّف، شعوراً بالعزلة والذنب واليأس. ونلحظ لديهم عدم اهتمام بالعمل وبكل ما يتصل بنشاطات الحياة اليوميّة.
على الصعيد الجسدي، يعاني هؤلاء الأشخاص من انعدام الطاقة، ومن تراجع في الفاعلية، وشعور بالثقل وبطء في الحركة. ويسجّل بعض الأشخاص المكتئبين جفافاً في الفم، ومشاكل في الهضم وكسلاً في الأمعاء يؤدي إلى الإمساك.
وبحسب الجمعيّة الأميركية للطب النفسيّ، فإن وجود خمسة من هذه الأعراض الثمانية والإحساس بها لمدة لا تقل عن الشهر، يشكّلان دليلاً على وجود حالة اكتئاب.
الغذاء والمكمّلات
يجد المكتئب صعوبة في أن يتولى زمام الأمور في حياته. وهو يميل إلى الانطواء على ذاته ولا يجد في داخله قوة الإرادة اللازمة ليقوم بنفسه بالخطوات المختلفة التي تخرجه من حالة الاكتئاب.
بالتالي، يكون سهلاً ومنطقياً أكثر أن نبدأ بتغيير النظام الغذائي وإضافة المكمّلات من الفيتامينات والنباتات لكي نغيّر تدريجياً سلوك المكتئب الذي سيتمكّن لاحقاً من أن يتبع بسهولة أكبر الخطوات الأخرى والمراحل التي توصله إلى الشفاء.
يؤدي النظام الغذائي الذي تنقص فيه المعادن والفيتامينات على سبيل المثال، إلى عدم توازن وخلل في الكيمياء العضويّة ما يمكن أن يؤدي إلى الاكتئاب. إنّ الإفراط في تناول بعض الأطعمة التي ليست غذاءً في الواقع، كالسكر والقهوة والكحول يؤدي إلى الاكتئاب، إذ يمكن لفرط تناول السكر على سبيل المثال أن يفضي إلى نقص السكر في الدم وهي حالة تساهم في ظهور الاكتئاب.
يجب التركيز على تناول الفواكه والخضار والحبوب الكاملة واستهلاك أطعمة غنيّة بالأحماض الدهنيّة الأساسيّة، لاسيّما الأوميغا-3.
يشير الدكتور دافيد سيرفان-شرايبر في كتابه الرائع الشفاء Guérir إلى أنّ الدماغ يتكوّن من الأحماض الدهنيّة بنسبة الثلثين، وهي تشكّل الغلاف الذي يمكن أن تحصل عبره كافة عمليات التواصل بين خلايا الجسم العصبيّة. وقد أظهرت الدراسات الحديثة أنّ الجرذان تصبح أكثر قلقاً وتوتراً عندما نزيل الأوميغا-3 من غذائها.
في المقابل، بيّن باحثون فرنسيون أنّ النظام الغذائي الغني بالأوميغا-3 يزيد على المدى الطويل انتاج الناقلات العصبيّة للطاقة والمزاج الحسن.
يعاني المكتئبون من نقص حاد في الفيتامينات من المجموعة B بشكل خاص. أجرى باحثون من جامعة أريزونا دراسة امتدت على أربعة أسابيع على أشخاص متقدمين في السن يعانون من الاكتئاب، ويتناولون بانتظام أدوية مضادة للاكتئاب.
تم تقسيم هؤلاء الأشخاص إلى مجموعتين حيث تلقّت المجموعة الأولى بالإضافة إلى العلاج المعتاد، مكمّلاً من 10ملغ من كل من هذه الفيتامينات من المجموعة B: ثيامين، ريبوفلافين وفيتامين B6.
عند مقارنة الأشخاص الذين تناولوا مكمّلات غذائيّة بأولئك الذين لم يفعلوا، بيّنت النتائج أنّ المجموعة الأولى تعاني أقل بكثير من الاكتئاب. كما أنّ الأشخاص الذين تناولوا المكملات يستطيعون أن يعملوا ويتصرفوا بطريقة أنسب.
يشير هذا البحث بشكل واضح إلى أنّ الأشخاص المكتئبين يعانون من نقص حاد. وفي هذه الدراسة، أُعطي المشاركون ثلاثة فيتامينات فقط من الفئة B. ويمكن لنا أن نفترض هنا أنّ النتائج يمكن أن تكون أفضل بعد لو أنّهم حصلوا على المكمّلات الكاملة
عشبة سانت جون أو حشيشة القلب St john’s wort والاكتئاب
عرفت هذه النبتة في الآونة الأخيرة شعبيّة كبيرة بعد أن أكّدت دراسات سريريّة مزاياها في معالجة الاكتئاب غير الحاد. وهذه الفاعليّة جعلتها تكسب لقب بروزاك النباتات.
لكن هذه العشبة استُخدمت منذ زمن بعيد في علاج مشاكل أخرى، كالجروح والحروق والتهاب الشعب الهوائيّة، التورّم والتوذّم، اضطرابات المثانة والتقرّحات. تشهد هذه النبتة حالياً شعبيّة كبيرة في أوروبا وأميركا الشماليّة بسبب خصائصها المضادة للاكتئاب المميّزة.
تُعرف هذه النبتة بقدرتها على تحسين المزاج وإثارة الغبطة في النفس. إنها المنشّط والمرمم العصبيّ المثاليّ. أظهر العديد من الدراسات السريريّة الدقيقة التي شملت إحداها أكثر من 1500 شخص، أنّ 65 إلى 80% من الأشخاص المكتئبين سجّلوا تحسّناً في حالتهم بعد تناول هذه العشبة، ما يشكّل نتيجة لا تقل أهمية عما يسجّله العلاج الكيميائي التقليدي، وذلك من دون الأعراض الجانبيّة السلبيّة.
لا يفسّر الباحثون بعد فاعلية هذه النبتة بشكل كامل إلا أنّ الدراسات تُظهر أنّ صبغة الهيبريسين هي العامل الرئيسيّ النشط الذي يبرر تأثير هذه النبتة المضاد للاكتئاب والمضاد للفيروسات.
أُجريت معظم الأبحاث السريريّة باستخدام مستخلص النبتة المعياريّ بنسبة 0.3% من الهيبريسين. بالتالي، من المهم أن نستخدم منتجاً يحتوي على هذه النسبة المركّزة من العامل النشط في النبتة.
تحذير: يمكن لهذه النبتة أن تتفاعل مع بعض الأدوية. إن كنتم تتناولون أيّ أدوية، فمن الأفضل أن تستشيروا أخصائي عناية صحيّة قبل تناولها.
تزيد هذه النبتة من حساسيّة الجسم على الشمس.