كيف يحمي الشاي الأخضر المرأة من سرطان الثدي؟
يظهر بحث جديد قامت به المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة أنّ المواد الكيميائية الحيوية في الشاي الأخضر تغير أيض الاستروجين عند النساء، ما يكشف على الأقل إحدى آلياته لخفض خطر الإصابة بسرطان الثدي.
تأتي هذه الدراسة من المعهد الوطني للسرطان التابع للمعاهد الوطنية للصحة وقد أشرفت عليها الدكتورة بربارا فهرمان Barbara Fuhrman.
فحص الباحثون معدلات الأستروجين والمواد الناشئة عن الأيض في البول لدى 181 امرأة يابانية- أميركية صحيحة الجسم من كاليفورنيا وهاواي. 72 من هؤلاء النساء بلغن مرحلة ما بعد انقطاع الحيض فيما البقية لا تزال في مرحلة ما قبل انقطاع الحيض.
جمعت المعلومات عبر إجراء فحوصات بول فضلاً عن مقابلات شخصية مع كل امرأة على حدة.
كما تم تسجيل وقياس استهلاكهن للشاي الأسود والقهوة (مع كافيين أو خالية منه) والصودا (مع كافيين ومن دون كافيين) فضلاً عن الشاي الأخضر وعدّلت النتائج بحسب استهلاك الكافيين. وأخذ أيضاً بعين الاعتبار استهلاكهن للصويا، ومؤشر البدانة لديهن فضلاً عن السن وتفاصيل أخرى وعدّلت النتيجة وفقاً لهذه المعايير.
وجدت الدراسة أن نسبة الايسترون في البول عند النساء اللواتي أصبحن في مرحلة ما بعد انقطاع الحيض واللواتي يشربن الشاي الأخضر يومياً أقل بنسبة 20% فيما نسبة الاستراديول أقل بنسبة 40% مقارنة مع النساء اللواتي يشربن الشاي الأخضر أقل من مرة واحدة في الأسبوع.
جاء قياس معدلات الاستروجين هذه بعد تصنيفها بحسب سبيل ايض الاستروجين المعني.
وقد سمح هذا للباحثين بأن يحددوا أنّ هذا الاختلاف في الاستروجين في البول مرتبط بأيض الاستروجين وبخطر الإصابة مستقبلاً بسرطان الثدي.
إن سبيل الاستروجين الأول المرتبط بسرطان الثدي هو استروجين 16-hydroxylated. في ما يتعلق بهذا السبيل، جاءت مؤشرات الاستراديول والاسترون اقل بنسبة 40% لدى النساء اللواتي يشربن الشاي الأخضر مرة واحدة في اليوم على الأقل مقارنة مع النساء اللواتي يشربن أقل من كوب واحد من الشاي الأخضر في الأسبوع.
لم تغيّر معدلات استهلاك الكافيين هذه النسب عند النساء كما أن استهلاك الشاي الأسود لم يؤدِ إلى هذا التراجع في مواد الاستروجين الناشئة عن الأيض.
تجدر الإشارة إلى أن معدلات الاستروجين لدى النساء اللواتي لم يبلغن بعد مرحلة انقطاع الحيض لم تتجاوب مع استهلاك الشاي الأخضر. ولم يفاجأ هذا الباحثين إذ وجدت دراسات سابقة أن النساء في مرحلة ما بعد انقطاع الحيض يتجاوبن بشكل مختلف مع الأدوية مثل tamoxifen وaromatase inhibitors.
والأمر المثير للاهتمام هو أن الباحثين وجدوا أن المعدل الوسطي للاستروجين في البول لدى كامل مجموعة النساء اليابانيات-الأميركيات اللواتي بلغن مرحلة ما بعد انقطاع الحيض هو نصف المعدل الذي سجّل في دراسة حديثة أجريت على النساء في مرحلة ما بعد انقطاع الحيض من مدينة نيويورك ومن أصل قوقازي.
لم يستطع الباحثون تحديد سبب هذا الفرق، وأشاروا إلى أنه قد يعود إلى اختلاف في النظام الغذائي أو في أسلوب الحياة أو لعوامل أخرى.
أظهرت دراسات أخرى بعض الفرق في معدلات الاستروجين في البول وشرب الشاي الأخضر عند النساء إلا أنّ هذه هي الدراسة الأولى التي حللت مجموعة واسعة من المواد الناشئة عن أيض الاستروجين لدى نساء في مرحلتي ما قبل وما بعد انقطاع الحيض.
ومرحلة ما بعد انقطاع الحيض تبدأ بعد عام على انقطاع الحيض أيّ توقّف المبيضين عند المرأة عن إنتاج البويضات.
خلال هذه المرحلة، يتراجع انتاج الاستروجين والبروجسترون.
وقد تختبر المرأة خلال هذه المرحلة أعراضاً ترتبط بانخفاض معدلات الاستروجين ومنها هبات الحرارة، والتعرّق ليلاً والأرق وتبدّل المزاج وأعراضاً جسدية أخرى.
ينصح العديد من الأطباء بوقف استهلاك الكافيين خلال مرحلة ما بعد انقطاع الحيض للتخفيف من أعراض انقطاعه. وقد يتضارب هذا مع استهلاك الشاي الأخضر إذ أنّ كوب الشاي الأخضر يحتوي عادة على 20 ملغ من الكافيين مقارنة مع 30 ملغ في الشاي الأسود والعديد من أنواع الصودا وحوالى 80 ملغ في كوب القهوة.
لكن ثمة أنواع من الشاي الأخضر لا تحتوي على كافيين أو تحتوي على نسبة ضئيلة منه. يحتوي شاي Gyokuro و Sencha على حوالى نصف نسبة الكافيين الموجودة في الشاي الأخضر العادي.
كما يمكن لشاي Joujicha و Genmaicha (خليط من bancha و Genmai- حبة الأرز) وBancha الأخضر أن يحتوي على كمية من الكافيين أقل بعشر مرات مما نجده في الشاي الأخضر العادي.
وتتوفر حالياً في الأسواق أصناف عدة من الشاي الأخضر الخالي من الكافيين.
تحافظ عملية إزالة الكافيين “بالتفوير” أيّ باستخدام الماء وثاني أكسيد الكربون على حوالى 90% من البوليفينول الموجود في الشاي الأخضر. أما العملية الأخرى حيث يُستخدم اسيتات الأثيل كمادة مذيّبة فتجعل الشاي الأخضر يفقد 70% من البوليفينول خلال عملية التخلّص من الكافيين.
ومما لا شك فيه أن الشاي الأسود يحتوي على أعلى نسبة من الكافيين كما أنه لا يقدّم الفوائد الطبية نفسها. وعلى الرغم من أن الشاي الأسود يُعدّ من النبتة نفسها إلا أنه يُجفف ويؤكسد تحت حرارة شديدة و/أو الشمس فيفقد خلال هذه العملية الكثير من عناصره ذات الفوائد الطبية.
وتضم هذه العناصر البوليفينولات مثل epigallocatechin, epicatechin, epigallocatechin gallate, epicatechin gallate. ويمكن لهذه المواد (الكاتشين) أن تشكّل حتى 30% من الوزن الجاف لأوراق الشاي الخضراء. وقد تبيّن في الدراسات المخبرية أنها تكبح الأورام. يشير باحثو المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة إلى أنّ هذه البوليفينولات هي السبب الذي يكمن خلف التغيّر في المواد الناشئة عن أيض الاستروجين:
“يمكن للشاي الأخضر الذي يُعدّ مصدراً غنياً للمواد الكيميائية النباتية المصدر التي تتفاعل مع انزيمات الأيض، أن يغيّر عملية أيض أو اقتران الاستروجين ما من شأنه بالتالي أن يؤثر في إمكانية الإصابة بسرطان الثدي.”
ووجدت دراسة أجرتها جامعة Calabria في ايطاليا في العام 2013 أن epigallocatechin gallate تحديداً ينظّم ويعدّل جينة تنشّط نمو السرطان.
وثمة أطعمة أخرى تحتوي على كاتشين مثل الزيتون والتوت البري وتوت العليق والكرز والعنب والتفاح والباباي والمنغا وغيرها وقد أظهرت هذه الأصناف آثاراً مضادة للسرطان. ويحتوي العديد من أصناف الزهورات أيضاً على الكاتشين.
المصدر : Case Adams, Naturopath